Monday, December 19, 2016

الهتروفونية في الموسيقى العربية









الهتروفونية (heterophony) 
   
   تتحقق عندما تعزف مجموعة من العازفين نفس الجملة اللحنية التي تتكون من خط لحني واحد في نفس الوقت، بحيث يعزف كل عازف بأسلوبه ويضيف من عنده قدر من الارتجال أو الزخرفة، فالهتروفونية عكس التوحيد، وهي لدى البعض تعتبر ضرباً من ضروب الفوضى.

   مثال ذلك يتضح بعقد المقارنة بين تسجيلين لطقطوقة خفيف الروح-لا تجاوز ثلاثة دقائق- من ألحان سيد درويش على مقام المحير (أحد فروع مقام البياتي)، الأول تسجيل زكي مراد سنة 1914، والثاني تسجيل فرقة الموسيقى العربية بقيادة عبدالحليم نويرة سنة 1969؟.

    في تسجيل زكي مراد تبدأ الطقطوقة بموال، أي يرتجل زكي مراد فيسير من المحير نزولاً الى قرار البياتي، وكأنه يفرش لنا الارض المقامية للطقطوقة، ويؤدي القفلات بالنبر المؤخر، ونلاحظ اختلاف ترجمة القانونجي للجملة اللحنية عن الكمنجاتي في الحروف الموسيقية بشكل صغير ودقيق، فضلاً عن قيام الكمنجاتي بعمل الزخارف من ترلات (trill) وزحلقات (gliss) واهتزاز (vibrato) بكل حرية، ففهي هذا التسجيل نسمع لحناً واحداً يتكون من خطاً لحنياً واحداً لكن يؤدى من ٣ موسيقيين كل بأسلوبه.



 
  أما في تسجيل فرقة الموسيقى العربية، تتحد فيه جميع الآلات الموسيقية مع بعضها البعض وتتطابق الى درجة كمبيوترية ان صح التعبير، دون بروز تصرفات فردية كما قام به الكمنجاتي في تسجيل زكي مراد، فضلاً عن طغيان صوت الكمنجات عن بقية الآلات، ولا يوجد اي اختلاف بين غناء الكورال مع الآلات المصاحبة له اثناء أداء الجملة الغنائية.




  إذاً الهتروفونية ميزة ...
لان الثراء الموسيقى في تسجيل زكي مراد متعدد بتعدد تناول كل عازف والمطرب لطقطوقة خفيف الروح مع ملاحظة انها مكونة من ثلاثة أفراد فقط، المطرب والكمنجاتي والقانونجي، مما يجعل هذا الثراء الموسيقي اكبر من تسجيل فرقة الموسيقى العربية، المكونة من 15 إلى 20 عضو، والذي يتطابق فيه اداء العازفين والكورال، ويرجع السبب في ذلك التطابق هو ان الفرق الموسيقية الكبيرة (المسرحية) تتطلب التوحيد في العزف والغناء الجماعي، لذلك نقول ان التخت الشرقي تكمن قيمته الموسيقية في قلة عازفينه لكي تتحقق الهتروفونية .

   ونقيس على هذه المسألة الفرق بين اسلوب العزف في (المسارح والحفلات الكبرى والاستوديوهات) وبين (الجلسات الخاصة والسمرات تسجيلات التخوت القديمة مثل تختي العقاد والشوا)، فلا تؤدي زيادة عدد اعضاء الفرقة الموسيقية بالضرورة إلى تقديم العمل الموسيقي بصورة أفضل، فزيادة عدد الكمنجات مثلا تطمس صوتي العود والناي .






كتابة: فهد الحمد