الشيخ علي محمود 1878-1946 |
لقد اختلف الفلاسفة عمن يسبق الآخر في الوجود، أهو الفن أم الدين؟ ولكنهم اتفقوا على ارتباطهما ببعض أشد الارتباط، فنجد أن أهم اسهامات الحضارة الفرعونية هي بناء الأهرامات بشكلها الهندسي العجيب والتي تعتبر في حد ذاتها معابد ومقابر لدفن الفراعنة، كما هو الحال في فن الزخرفة الذي عمل به المسلمون القدماء في بناء مساجدهم ... الخ.
ومن أبرز الفنون التي ترتبط بالديانة الاسلامية هي الموسيقى؛ والتي يتم تطويعها من خلال آلة عضوية (صوت الأنسان) بنفَسه الطويل والنغمات التي لها طابع وَقور من أجل تذكير المسلمين على موعد الصلوات الخمسة في اليوم الواحد، وكل ذلك يتم بصورة جمالية، وهو ما يسمى كما هو معرف "بالأذان". وتلك مقدمة موجزة تهدف الى التمعن قليلاً لإدراك قيمة الأذان وما يحتوي على مواطن جمالية تبعث في النفس الأنس والسرور واللذة فضلاً عن التأمل في قدرة الانسان العقلية والعاطفية على التعبير عن مشاعره الدينية بأسلوب فني يتسم بالجمال.
فكم منا من يسمع الأذان عدة مرات في اليوم الواحد دون أن يشعر بما سبق ذكره، بل احيانا يضجر المستمع الى صوت وأداء المؤذن فيتمنى أن ينتهي بسرعة، لذلك يتحم تأهيل المؤذنين موسيقياً وثقافياً قبل مزاولتهم للمهنة حتى تعم الراحة على المستمعين.
وسأقف في هذه المقالة أم قامة من قامات الفن في الوطن العربي، هو امام المنشدين والقراء والموسيقيين الشيخ الضرير علي محمود رحمه الله، فهذا الرجل صاحب مدرسة في تلاوة القرآن واسلوب متطور في الانشاء الديني وتأثر من مدرسته العديد من القراء والمبتهلين، كشيخ القراء محمد رفعت والشيخ طه الفشني والشيخ كامل يوسف البهتيمي والشيخ محمد عمران، كما أخذ من علمه الموسيقي إمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد، وكانت سيدة الغناء العربي أم كلثوم تنهل خبرته الغزيرة في الموسيقى عندما تجلس في مجلسه.
وعندما نسمع الى الأذان الفريد والمتميز للشيخ علي محمود ندرك انه يملك مخزوناً موسيقياً ثرياً، وعالماً بعمق بفنون التلاوة والإنشاء الديني، فضلاً عما وهبه الله من صوت ماسي لا مثيل له، فيأخذك الى رحلة في بحر الطرب، ويروي لك قصة معبرة كأنها كتبت من أروع الأدباء.
لنبدأ هذه الرحلة معه:
لقد اختار الشيخ علي محمود مقام البياتي، مقام الشجن والحنية والنداء الذي يعتبر من المقامات الخصبة لتشكيله وفقاً لخيال المؤدي أو الملحن، فغالباً ما تكون موسيقى الشعوب العربية من البياتي فتدخل قلب ابن البلد كالسهل الممتنع.
الله أكبر الاولى: يصرخ فيها بقوة صوته من جواب البياتي تعظيماً لرب العزة .
الله أكبر الثانية: ينساب نزولاً بطريقة في غاية الشجن وكأنه يحبب الناس بالله ثم يصعد بأكبر الى الجواب.
أشهد أن لا إله إلا الله الأولى: يبدؤها من القرار حيث موطن الشهادة القلب وعندما يقول الله فكأنه يؤكد ان الله هو أعظم العظماء وملك كل الملوك، فأين سلاطين الأرض؟
أشهد أن لا إله إلا الله الثانية: فهنا يبين رحمة الله وعطفه على الناس ومغفرته للذنوب وانه جميل يحب الجمال في الانتقال الى كل نغمة من نغمات البياتي نزولاً حتى يختم بالله.
ويكرر الشيخ نفس الاسلوب في بقية الاذان حتى يصل الى حي على الفلاح الثانية وتندهش من قدرة الشيخ علي محمود على الزخرفة والتجويد بهذا الكم الهائل من النغم المتفق من حنجرته الذهبية، كل ذلك في سبيل منح الثواب الأعظم نظير أداء أهم ركن من أركان الإسلام وهي الصلاة.
أداء الشيخ علي محمود في هذا الرابط أسرع من أداؤه الحقيقي بسبب طبيعة التسجيل 👇
https://www.youtube.com/watch?v=TKe81Nhc82s
ومن أبرز الفنون التي ترتبط بالديانة الاسلامية هي الموسيقى؛ والتي يتم تطويعها من خلال آلة عضوية (صوت الأنسان) بنفَسه الطويل والنغمات التي لها طابع وَقور من أجل تذكير المسلمين على موعد الصلوات الخمسة في اليوم الواحد، وكل ذلك يتم بصورة جمالية، وهو ما يسمى كما هو معرف "بالأذان". وتلك مقدمة موجزة تهدف الى التمعن قليلاً لإدراك قيمة الأذان وما يحتوي على مواطن جمالية تبعث في النفس الأنس والسرور واللذة فضلاً عن التأمل في قدرة الانسان العقلية والعاطفية على التعبير عن مشاعره الدينية بأسلوب فني يتسم بالجمال.
فكم منا من يسمع الأذان عدة مرات في اليوم الواحد دون أن يشعر بما سبق ذكره، بل احيانا يضجر المستمع الى صوت وأداء المؤذن فيتمنى أن ينتهي بسرعة، لذلك يتحم تأهيل المؤذنين موسيقياً وثقافياً قبل مزاولتهم للمهنة حتى تعم الراحة على المستمعين.
وسأقف في هذه المقالة أم قامة من قامات الفن في الوطن العربي، هو امام المنشدين والقراء والموسيقيين الشيخ الضرير علي محمود رحمه الله، فهذا الرجل صاحب مدرسة في تلاوة القرآن واسلوب متطور في الانشاء الديني وتأثر من مدرسته العديد من القراء والمبتهلين، كشيخ القراء محمد رفعت والشيخ طه الفشني والشيخ كامل يوسف البهتيمي والشيخ محمد عمران، كما أخذ من علمه الموسيقي إمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد، وكانت سيدة الغناء العربي أم كلثوم تنهل خبرته الغزيرة في الموسيقى عندما تجلس في مجلسه.
وعندما نسمع الى الأذان الفريد والمتميز للشيخ علي محمود ندرك انه يملك مخزوناً موسيقياً ثرياً، وعالماً بعمق بفنون التلاوة والإنشاء الديني، فضلاً عما وهبه الله من صوت ماسي لا مثيل له، فيأخذك الى رحلة في بحر الطرب، ويروي لك قصة معبرة كأنها كتبت من أروع الأدباء.
لنبدأ هذه الرحلة معه:
لقد اختار الشيخ علي محمود مقام البياتي، مقام الشجن والحنية والنداء الذي يعتبر من المقامات الخصبة لتشكيله وفقاً لخيال المؤدي أو الملحن، فغالباً ما تكون موسيقى الشعوب العربية من البياتي فتدخل قلب ابن البلد كالسهل الممتنع.
الله أكبر الاولى: يصرخ فيها بقوة صوته من جواب البياتي تعظيماً لرب العزة .
الله أكبر الثانية: ينساب نزولاً بطريقة في غاية الشجن وكأنه يحبب الناس بالله ثم يصعد بأكبر الى الجواب.
أشهد أن لا إله إلا الله الأولى: يبدؤها من القرار حيث موطن الشهادة القلب وعندما يقول الله فكأنه يؤكد ان الله هو أعظم العظماء وملك كل الملوك، فأين سلاطين الأرض؟
أشهد أن لا إله إلا الله الثانية: فهنا يبين رحمة الله وعطفه على الناس ومغفرته للذنوب وانه جميل يحب الجمال في الانتقال الى كل نغمة من نغمات البياتي نزولاً حتى يختم بالله.
ويكرر الشيخ نفس الاسلوب في بقية الاذان حتى يصل الى حي على الفلاح الثانية وتندهش من قدرة الشيخ علي محمود على الزخرفة والتجويد بهذا الكم الهائل من النغم المتفق من حنجرته الذهبية، كل ذلك في سبيل منح الثواب الأعظم نظير أداء أهم ركن من أركان الإسلام وهي الصلاة.
أداء الشيخ علي محمود في هذا الرابط أسرع من أداؤه الحقيقي بسبب طبيعة التسجيل 👇
https://www.youtube.com/watch?v=TKe81Nhc82s
الشيخ محمد عمران 1994-1944 |
وقبل سنتين من وفاة الشيخ علي محمود، ولد الشيخ محمد عمران الذي يعتبر آخر امتداد لمدرسة التلاوة والانشاء الديني وتلميذاً نجيباً لشيخنا على محمود، ونلاحظ ان أذان الشيخ عمران يكاد أن يتطابق مع أذان الشيخ علي محمود في الأسلوب والزخارف والقفلات وخطة السير مع ملاحظة ان الفارق بين الأذانين يتجاوز نصف قرن من الزمان.👇https://www.youtube.com/watch?v=G32zPc66rIw
No comments:
Post a Comment